مرحبا بكم في حلقة جديدة من برنامج “خلاصة كتاب”، الحلقة اليوم ستركز على شخصية تاريخية بارزة في الإسلام، وهو شخص عاش في فترة مليئة بالأحداث الكبرى والتغييرات المؤثرة، وهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الخليفة الأموي الثاني.
يزيد ولد في العام 25 هـ (645 ميلاديا) وتوفي في العام 64 هـ (683 ميلاديا). نشأ في دمشق، وهو الخليفة السادس للمسلمين والثاني في سلسلة خلفاء بني أمية. على الرغم من أن فترة حكمه كانت قصيرة، فقط ثلاث سنوات، إلا أنها كانت من بين الأوقات الأكثر تأثيرا في التاريخ الإسلامي والمجتمع الإسلامي.
جدول المحتويات
الوجه الأخر ليزيد بن معاوية: الحياة الشخصية والأسرية
يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، هو خليفة مشهور من الأمويين، حيث كان له أصول نبيلة تمتد لبني أمية. والدته هي الشاعرة المعروفة، ميسون بنت بحدل. يتميز يزيد بجماله وحسن خلقه، كان لديه شعر مجعد ووجه ذا طلعة بهية. كانت عيناه جميلتين ولحيته مرتبة، وكانت هناك آثار بدرية على وجهه.
أنجب يزيد عدة أبناء من زوجاته، من بينهم معاوية وخالد وعبدالله الأكبر وأبو سفيان وعبدالله الأصغر وعمرو ورملة. يزيد كان يروي الأحاديث عن والده معاوية رضي الله عنه، ولكن الإمام أحمد بن حنبل قال: “لا ينبغي أن يروى الحديث عنه”.
أقرأ أيضا : معاوية بن أبي سفيان , مؤسس الدولة الاموية
الخلاف بين يزيد والحسين: قصة زينب بنت إسحاق”
كانت هناك خلافات بين الحسين بن علي رضي الله عنه ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان. أحد الأسباب الرئيسية كان رفض الحسين لخلافة يزيد. لكن وفقاً للأديب الكبير عباس محمود العقاد في كتابه “أبو الشهداء الحسين بن علي”, هناك قصة أخرى.
كانت زينب بنت إسحاق من أشهر نساء عصرها في الجمال. وكانت متزوجة من عبدالله بن سلام، الوالي العراقي من عهد الأمويين. زعم العقاد أن يزيد وقع في غرامها حتى مرض بحبها. عندما عرف والده، معاوية، بالأمر، فكر في خطة ليتزوج ابنه منها. أقنع عبدالله بن سلام بالطلاق من زينب، ولكن البنت رفضت الزواج منه، بدعوى أنها لا تثق به.
بعد تنفيذ الخطة، طلب معاوية من أبي هريرة أن يطلب يد زينب ليزيد، لكن الحسين عرف بالمكيدة وطلب أيضًا من أبي هريرة أن يخطب له زينب. وقررت زينب الزواج من الحسين، حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن الحسين طلقها بعد ذلك ليعيدها إلى زوجها السابق، عبدالله بن سلام. وهذه الحادثة كانت أحد الأسباب التي أدت إلى الخلاف بين يزيد والحسين.
المسار العسكري ليزيد والتحديات السياسية المحيطة بخلافته
كان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهو في غمرة شبابه، يعيش في قلب الحياة العسكرية النابضة. والده معاوية كان قد وضعه في مقدمة الجيش الذي حاصر أسوار القسطنطينية. هذا كان بمثابة تمهيد من معاوية للقب الخلافة لابنه يزيد، بناءً على قناعته بأن هذا سيكون في المصلحة العامة للمسلمين وبهدف تجنب التفرقة والانقسام.
في ذلك الوقت، كانت بني أمية تملك القوة السياسية والسيطرة، ولم يكن من المرجح أن يقبلوا بخليفة آخر ليس من بينهم. وعلاوة على ذلك، كان معاوية يرى أن خلافة يزيد ستكون خطوة نحو القضاء على الفتنة، حتى مع العلم بشرط الحسن بن علي الذي طالب به عند تنازله عن الحكم لمعاوية، وهو عدم تعيين خليفة بعده.
ومع ذلك، اندلعت أضطرابات سياسية مع اقتراب الخلافة. كان عبدالله بن الزبير والحسين بن علي من بين أولئك الذين رفضوا مبايعة يزيد، رغم النجاحات الإسلامية العديدة في ذلك الوقت. لكن تلك النجاحات غابت خلف الستار من الأحداث المضطربة والتوترات السياسية.
يزيد بن معاوية والتحديات في بداية الخلافة: الصراع مع الحسين بن علي
في أعقاب وفاة معاوية بن أبي سفيان، أُطلب من يزيد الاستلام الرسمي للخلافة. لكن هذا كان يتعارض مع شرط الحسن بن علي الذي طالب به عند تنازله عن الخلافة لمعاوية، والذي كان يهدف إلى إنهاء الفتنة التي اندلعت بين المسلمين بعد مقتل علي رضي الله عنه. الشرط كان “عدم تعيين خليفة بعده”.
بالرغم من ذلك، بعث يزيد برسالة إلى والي الحجاز في ذلك الوقت، الوليد بن عتبة، يطلب منه أخذ البيعة من عبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الله بن عمر بن الخطاب. مروان بن الحكم نصح الوليد بإجبار الحسين على البيعة أو قتله في حالة الرفض.
في محاولة للحصول على بيعة الحسين، دعاه الوليد إلى مقره. في ذلك الوقت، كان وفاة معاوية ما زال سرًا للغاية، لكن الحسين وابن الزبير فهما أن معاوية قد مات. عندما طلب الوليد من الحسين البيعة ليزيد، رفض الحسين، قائلاً: “ما ينبغي لبيعة سبط حفيد رسول الله صلي الله عليه وسلم أن تكون سرًا”. لم يتجرأ الوليد على تنفيذ نصيحة مروان بن الحكم وقتل الحسين في حالة رفضه.
عندما طلب الوليد مرة أخرى البيعة من الحسين، طلب منه الحسين أن يمهله بعض الوقت لدراسة الأمور. الحسين، كونه حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان أقوى المنافسين للخلافة بسبب أهليته وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم.
الحسين بن علي ورحلته إلى العراق: الغدر والتضحية
في ذلك الوقت، بدأ أهل العراق والكوفة في إرسال رسائل وعهود للحسين بن علي، يطلبون منه القدوم ليحكمهم ويصبحوا تحت أمره. رغم الحذر من الغدر الذي كان يمثله هؤلاء، فإن الحسين اختار الذهاب إلى العراق والكوفة مع أسرته وأقاربه. الشخص الوحيد الذي اختار البقاء كان محمد بن الحنيفية، الذي كان قلقاً من سمعات أهل العراق والكوفة.
بعض المؤرخين ذكروا أنه تم سؤال حاج من العراق عن موقف أهل الكوفة من الحسين، فأجاب بأن “قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية”. كان معروفاً عنهم أنهم دائماً ينحازون للأقوى. عند وصول الحسين إلى الكوفة، وجد أنهم فعلاً كما وصفهم الحاج، سيوفهم كانت مع بني أمية. حاصروا الحسين وأقاربه ومنعوهم من الوصول إلى الماء حتى أصبحوا في حالة عطش شديد.
الحر بن يزيد، وهو رجل كان مواليا للحسين، دعا عليهم بأن يعانوا من العطش في يوم القيامة، لأنهم منعوا الحسين من الوصول إلى نهر الفرات. كما منعوه من الوصول إلى يزيد بن معاوية، رغم أنه كان ابن عمه وأكثر الناس حقاً في الحوار معه. كانوا قلوبهم قاسية، معتادين على السب والشتم على علي رضي الله عنه، وحرضوا على قتل الحسين رغم أنهم كانوا قد دعوه وعاهدوه. لم يعرفوا الوفاء بالعهود، وكانو
ا أكثر الناس قتلاً لأبناء آل البيت وأولاد الحسين والحسن. الحسين دعى عليهم أن يكون خصمهم يوم القيامة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
معركة كربلاء: القتال والخيانة
بدأ الجيش يحاصر الحسين من كل جانب، حتى قتلوا صبيًا للحسين، وهو أبو بكر. كان في حضنه حينما أصابهم سهم، وسال دمه على والده. بعدها، بدأت المعركة تشتد، وقاد شمر بن زي جوشن خمسين مقاتلًا وهاجموا الحسين بكل شراسة. تلقى الحسين أكثر من 33 ضربة و34 طعنة في جسده. قطعوا رأسه وأخذوه إلى عبيد بن زياد، الذي بدأ يعبث بوجه الحسين باستخدام عصا. أزال المقاتلون الثياب عن جثته ولم يدفنوها، ولم يراعوا فيه الأوصاف ولا الذمة.
كانت معركة كربلاء وكأنها استئصال لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن لم ينجو الجميع من غضب الله، ولولا تدخل بن سعد، لساقوا النساء عاريات إلى الشام. عندما وصل الركب إلى يزيد بن معاوية وأخبروه بما حدث، انتقدهم وأكرم أرامل النساء وأبدى استياءه من الذي حدث. قال “لعن الله بن سميه، فقد قطع الرحم”. منذ ذلك اليوم، أصبح أهل الكوفة يعتبرون يوم كربلاء يومًا للندب، لأنهم خذلوا الحسين وحرضوا على قتله.
الخلاف على البيعة وهروب ابن الزبير
من جهة أخرى، كان هناك خلاف بين أهل الحجاز وابن الزبير بشأن البيعة ليزيد. ابن الزبير حاول أن يمهل في الأمر حتى يتمكن من الهروب من البيعة. هرب في الليل مع أخيه جعفر، وكان هذا بداية للعصيان الواضح للخلافة الأموية.
اختار عبد الله بن الزبير الاحتماء بمكة، حيث لا يستطيعون انتهاك حرمتها، ولا حتى القتال فيها. كان الزبير يصلي مع جماعته ولا يصلي أو يطوف مع أحد من أتباع الدولة الأموية.
رغم أن يزيد بن معاوية كان يحترم مكانة بن الزبير، إلا أنه أرسل إليه أكثر من مرة طالبًا بيعته، لكن ابن الزبير رفض. أقسم يزيد أنه لن يقبل البيعة منه إلا “جامعًا”، أي أن يكون مقيدًا. وأدى يزيد هذا القسم للحفاظ على هيبة الدولة، حيث أثار مقتل الحسين الحجاز والمدينة.
معركة الحرة والفتوحات في عهد يزيد
ابن الزبير دعا إلى مجلس شورى لانتخاب خليفة جديد، مما دفع يزيد لإرسال جيش لقمع التمرد. تمكن الجيش من هزيمة قوات المدينة في معركة الحرة في عام 683 ميلادي، وتم نهب المدينة لمدة ثلاثة أيام. أحاطوا بمكة بالحصار لأسابيع حتى انسحب الجيش بعد وفاة يزيد.
رغم كل هذه الاضطرابات، سقطت الخلافة الأموية في حرب أهلية استمرت لسنوات. ومع ذلك، استمر يزيد في متابعة فتوحات أبيه في المغرب العربي. في عهده، واصل عقبة بن نافع الفتوحات حتى وصل إلى شواطئ المحيط الأطلسي. كما توسعت الفتوحات في عهده حتى وصلت إلى بلاد ما وراء النهر، وهي منطقة في آسيا الوسطى.
وفاة يزيد وآراء العلماء حوله
توفي يزيد في حمص عن عمر يناهز ال 38 سنة بعد فترة حكم استمرت لثلاث سنوات وبعض الشهور. الآراء تختلف بشأن شخصيته، حيث يعتبره البعض شخصية شريرة. الشيعة، على سبيل المثال، يرون أن المنصب كان أحق به علي وذريته.
ومن جهة أخرى، كان هناك أيضًا من أهل السنة الذين رفضوا ترشيحه للخلافة لأنه كان أول شخص يخالف القيم الإسلامية التي تقوم عليها الخلافة، والتي كانت مبنية على الشورى منذ بداية عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. بالإضافة إلى ذلك، وقعت ثلاث جرائم كبرى في عهده: مقتل الحسين، نهب المدينة، وحصار مكة.
ومع ذلك، هناك بعض العلماء الذين يعتبرون يزيد من عامة المسلمين ويعتقدون أن ما حدث في عهده، مثل مقتل الحسين، هو مسؤول عنه. له حسناته وسيئاته، وهذا يعتبر موضوعاً غير واضح ومثير للجدل حتى اليوم.
الي هنا تنتهي حلقة اليوم يمكن ان تستمع الي كثير من الفيديوهات علي قناتنا علي اليوتيوب من خلال هذا الرابط ” خلاصة كتاب ”
[…] اى ولد له, كان معاوية بن يزيد شاب تقى وصل للخلافة بعد ابوه يزيد فى اربعة عشر من شهر ربيع الاول سنة اربعة وستين […]